السودان يحاصر مليشيا «الدعم السريع» دبلوماسياً بعد جرائم الفاشر

تحوّل دخول مليشيا «الدعم السريع» إلى مدينة الفاشر في 26 أكتوبر 2025م إلى وبال عليها وفضيحة كشفت سوءاتها ووحشيتها أمام العالم الذي وقف مذهولاً أمام جرائم الحرب التي ارتكبتها المليشيا، وبطريقة غريبة قامت بتوثيقها ونشرها بنفسها؛ إذ استيقظ ضمير العالم الحر بعد سبات، وتوالت الإدانات والاستنكار العالمي لهذه الجرائم التي يندى لها جبين الأحرار.

حراك دبلوماسي سوداني مكثف

وقد نشطت الدبلوماسية السودانية في توضيح الصورة الحقيقية لإجرام وبشاعة المليشيا المتمردة على خلفية ما جرى في مدينة الفاشر، ففي خلال يومين فقط؛ 3 و4 نوفمبر الجاري، عُقدت نحو 8 مؤتمرات صحفية تحدث فيها سفراء السودان في عدة دول أفريقية وأوروبية وآسيوية، من جنوب أفريقيا جنوباً إلى لندن شمالاً ومن تشاد غرباً إلى الهند شرقاً، وأوجد هذا الحراك تجاوباً واسعاً وتغطيات إعلامية كبيرة ساهمت في ترسيخ السردية الرسمية السودانية ودحض ادّعاءات وافتراءات المليشيا الإرهابية وأعوانها.

مؤتمر صحفي في روسيا (3 نوفمبر)

ففي 3 نوفمبر 2025م، عقد السفير محمد الغزالي سراج، سفير السودان لدى روسيا الاتحادية، مؤتمراً صحفياً بمقر البعثة بمشاركة عدد من ممثلي وسائل الإعلام الروسية؛ وذلك بغرض تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة والجرائم المروعة التي ارتكبتها مليشيا «الدعم السريع» الإرهابية، وإطلاع الرأي العام الروسي والعالمي عليها بشكل مفصل.

وأشار السفير خلال المؤتمر الصحفي إلى أن مليشيا «الجنجويد» ظلت تحاصر مدينة الفاشر بطريقة ممنهجة مستخدمة كافة أساليب القتل والتعذيب، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح في الحرب ومنع دخول الغذاء والدواء وكافة معينات الحياة، فضلاً عن قتل الأبرياء بطرق عشوائية، والاستهداف المتكرر للمستشفيات، مثل ما حدث بالتحديد في المستشفى السعودي بالفاشر، وارتكاب انتهاكات في عدد من قرى شمال دارفور، والاغتصاب والقتل، مستخدمة أسلحة ثقيلة قدمتها لها دول إقليمية.

وأكد السفير أن انتهاكات المليشيا الإرهابية أيقظت صاحب كل ضمير حي، إلا أن الأهم من ذلك تصنيف المليشيا منظمة إرهابية، ومحاسبتها لكل الفظائع التي ارتكبت في الفاشر وبقية مدن دارفور وفي عموم السودان.

مؤتمر صحفي في تركيا (3 نوفمبر)

وفي اليوم ذاته، نظمت سفارة السودان بأنقرة مؤتمراً صحفياً حول تطورات الأوضاع في الفاشر، وفي كلمته أمام المؤتمر عدَّد السفير نادر يوسف الطيب الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي ارتكبتها المليشيا الإرهابية في مدينة الفاشر.

كما كشف السفير أن نحو 200 ألف مدني محاصرون بالكامل في مدينة الفاشر، وأن المليشيا ارتكبت خلال الأيام الأخيرة أكثر من 107 مجازر راح ضحيتها ما يزيد على 2000 شخص، من بينهم نساء وأطفال ومرضى، بالإضافة إلى المجزرة المروّعة التي وقعت داخل المستشفى السعودي بالفاشر، التي قُتل فيها أكثر من 360 شخصًا من المرضى والعاملين في المجال الصحي.

دعوة من قطر لتصنيف المليشيا «إرهابية» (3 نوفمبر)

وفي قطر، طالب السفير بدر الدين عبدالله أحمد، سفير جمهورية السودان لدى دولة قطر، المجتمع الدولي والإقليمي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية، بالإجراء الفوري لتصنيف مليشيا «الدعم السريع» كـ«منظمة إرهابية».

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده السفير بمقر سفارة السودان بدولة قطر الإثنين 3 نوفمبر، الذي سلط الضوء على الوضع الإنساني الكارثي في مدينة الفاشر والمجاز المروعة التي ما زالت ترتكب بحق المدنيين العزل.

تنوير إعلامي في الهند (3 نوفمبر)

وفي الهند، عقد رئيس البعثة السودانية السفير د. محمد عبدالله علي التوم تنويراً صحفياً لوسائل الإعلام الهندية، يوم الإثنين 3 نوفمبر، حول تطورات الأوضاع في السودان والجرائم المرتكبة بواسطة مليشيا «الدعم السريع» المتمردة منذ اجتياحها مدينة الفاشر يوم 26 أكتوبر وسط حضور إعلامي كثيف.

ووجّه السفير، خلال التنوير، رسائل السودان للعالم والمجتمع الدولي، مؤكداً أن مأساة السودان أكبر مأساة إنسانية، لكن العالم مغيب عنها، وأن حكومة السودان قد قدمت على مدار العامين للمجتمع الدولي دلائل وتقارير تورط مليشيا «الدعم السريع» منذ تمردها في العديد من جرائم الإبادة والاغتصاب وكل ما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، وأن صمت المجتمع الدولي عن جرائم المليشيا وعدم تصنيفها كمليشيا إرهابية مثَّل تشجيعاً للتمادي في الفظائع، معبراً عن موقف السودان الرافض للمساواة بين المليشيا والقوات المسلحة التي تدافع عن الشعب والأرض مسنودة بالشعب نفسه.

استمرار النشاط الدبلوماسي (4 نوفمبر)

أما يوم الثلاثاء 4 نوفمبر، فقد شهد نشاطاً دبلوماسياً واسعاً أيضاً قاده سفراء السودان في عدة دول من أجل تمليك الرأي العام الحقائق حول جرائم المليشيا المتمردة ووضع العالم والمجتمع الدولي تجاه مسؤولياته تجاه هذه الفظائع، واتخاذ موقف حاسم من إرهاب المليشيا وانتهاكاتها.

مؤتمر صحفي في إثيوبيا (4 نوفمبر)

وعقد سفير السودان بإثيوبيا المندوب الدائم لدى الاتحاد الأفريقي الزين إبراهيم حسين مؤتمراً صحفياً، يوم الثلاثاء، بمقر السفارة السودانية بأديس أبابا، حضره عدد من أجهزة الإعلام العالمية والمحلية، حمل من خلاله الأسرة الدولية والإقليمية المسؤولية في تشجيع المليشيا الإرهابية على ارتكاب الجرائم والفظائع المروعة بمدينة الفاشر، وعدد من المدن والقرى السودانية، ودعا المجتمع الدولي إلى تصنيف المليشيا باعتبارها كياناً إرهابياً.

مؤتمر صحفي في ألمانيا (4 نوفمبر)

وفي مؤتمر صحفي شهده ممثلو وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية الألمانية، يوم الثلاثاء، بمقر بعثة السودان في برلين، تناولت السفيرة إلهام محمد أحمد، سفيرة السودان بألمانيا، تطورات الوضع في الفاشر وبارا، وطالبت المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته والانتقال من خانة الأقوال إلى الأفعال، وتصنيف مليشيا «الدعم السريع» المتمردة منظمة إرهابية، وتيسير انسياب المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين.

مؤتمر صحفي في بريطانيا (4 نوفمبر)

وفي ذات اليوم، عقدت سفارة جمهورية السودان لدى المملكة المتحدة مؤتمراً صحفياً بمقر البعثة في لندن حول الإبادة الجماعية التي تواصل مليشيا «الجنجويد» الإرهابية ارتكابها في الفاشر وما حولها.

وخاطب المؤتمر السفير بابكر الصديق محمد الأمين، رئيس البعثة، حيث قدّم إحاطة شاملة حول الجرائم والانتهاكات التي تشهدها مدينة الفاشر ومناطق أخرى في دارفور وكردفان على أيدي مليشيا «الجنجويد»، مطالباً المجتمع الدولي بصورة عاجلة وجادّة بوقفها، وشدّد على أن الغضب الدولي يجب أن يُترجم إلى إجراءات عملية لوقف الإبادة ومحاسبة الجناة.

مؤتمر صحفي في جنيف (4 نوفمبر)

وفي جنيف، عقد المندوب الدائم لجمهورية السودان لدى الأمم المتحدة بجنيف السفير حسن حامد حسن، مؤتمراً صحفياً جامعاً، يوم الثلاثاء، بحضور مختلف مراسلي الوكالات والصحف والفضائيات بجنيف، استعرض فيه الفظائع الصادمة والأوضاع المأساوية منذ أن اجتاحت المليشيا المتمردة مدينة الفاشر وقبلها مدينة بارا.

وأكد المندوب الدائم أن المشاهد البشعة التي بثتها المليشيا بنفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تُظهر الإعدامات الميدانية والتعذيب والترويع والتمثيل بالجثث، قد أيقظت ضمير العالم، وأن المليشيا قد استوفت وفاقت كافة المعايير التي تستوجب تصنيفها كجماعة مسلحة إرهابية خارجة عن القانون.

كما شدد على أن المجتمع الدولي مطالب بتغيير طريقة تعاطيه مع الأزمة في السودان، والانتقال من بيانات الإعراب عن القلق إلى إجراءات عملية صارمة.

لقاء دبلوماسي في تشاد (4 نوفمبر)

وفي سياق متصل، التقى السفير د. عبدالله أبكر، القائم بالأعمال في سفارة السودان بأنجمينا، يوم الثلاثاء، سفير ألمانيا الاتحادية في تشاد جانس ماسي، وتناول اللقاء الأوضاع الراهنة في السودان خاصة الفاشر.

ونقل السفير الألماني رؤية بلاده في تشكيل لجنة لتقصي الحقائق وتقديم الجناة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

من جانبه، أوضح القائم بأعمال السفارة السودانية في أنجمينا ضرورة تصنيف مليشيا «آل دقلو» منظمة إرهابية، ومحاسبة قياداتها، وأشار إلى المظاهرات التي شهدتها المدن الأوروبية التي نددت بالجرائم البشعة والإبادة الجماعية التي وثقتها المليشيا بنفسها، وحث الاتحاد الأوروبي الأخذ برأي شعوبه ودعا إلى محاسبة داعمي المليشيات وضمان عدم الإفلات من العقاب.

نتائج الحراك الدبلوماسي

إزاء هذا النشاط الدبلوماسي والإعلامي الاحترافي، أصبحت مليشيا «الدعم السريع» مكشوفة ومُدانة أمام العالم أجمع، وأصبح المجال مفتوحاً أمام الجيش السوداني والقوات المساندة له لتتهيأ لإخراج المليشيا الإرهابية من المدن التي احتلتها بعد أن انكشفت أعمالها الإجرامية أمام العالم، وسقطت ادّعاءات وافتراءات الإعلام المضلل الذي كان يساند المليشيا بتحريفه للحقائق والوقائع.

اقرأ أيضاً

الفاشر ..كارثة إنسانية متسارعة ومأساة مدنية بمقاييس واسعة

اقتحام الفاشر.. مستقبل «الدعم السريع» والسيناريوهات القادمة بالسودان