«حماس» تحكم من جديد!
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ
وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ
شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216)؛ يقول الإمام ابن كثير يرحمه الله في تفسير الآية: «لأن
القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم،
وذراريهم، وأولادهم».
يقول الشهيد سيد
قطب يرحمه الله تعالى، في «الظلال»: «إن القتال في سبيل الله فريضة شاقة، ولكنها
فريضة واجبة الأداء.. واجبة الأداء لأن فيها خيراً كثيراً للفرد المسلم، وللجماعة
المسلمة، وللبشرية كلها، وللحق والخير والصلاح».
بعد وقف إطلاق
النار، توقع الكثير زوال «حماس» عن غزة أو زوالها عن الذاكرة العربية! ولكن كل هذا
لم يحدث.
لقد انبهر
الصهاينة ومن خلفهم بقوة «حماس» الجديدة وريادتها وقيادتها المدنية لغزة بقوة
ومهنية!
دهشة وذهول!
ففي تصريح صادم
بثّته «القناة 12» العبرية، عبّر الجنرال إسحاق بريك، أحد أبرز المحللين العسكريين
في المؤسسة الأمنية «الإسرائيلية»، عن دهشة وذهول لا تخطئهما الأذن، وهو يصف ما
يجري في غزة بعد إعلان وقف الحرب!
فالرجل الذي كان
من بين من بشَّروا بنهاية «حماس» ودفنها تحت الركام، وجد نفسه اليوم أمام مشهد
يعجز عن تفسيره، حيث يقول: ما الذي يجعل «حماس» تعود إلى السيطرة الميدانية بكل
تلك السرعة والحسم؟ ومن منحها الثقة لتعيد نشر 7 آلاف شرطي مسلح في أقل من 24 ساعة
من إعلان وقف الحرب وهي على بعد مئات الأمتار فقط من جيش الدفاع؟!
هكذا تساءل
بريك، قبل أن يقرّ -بدهشة لا تخلو من انكسار- بأن ما يجري على الأرض لا يشبه أياً
من التوقعات التي بُنيت عليها الحرب، وأن كل المعطيات تشير إلى أن «حماس» تمسك
بزمام الميدان مرة أخرى.
وبعد وقف إطلاق
النار، بدأت إدارة «حماس» بنشر شرطة مدنية مسلحة، وأعادت تشغيل البلديات
والمستشفيات، وأخذت تؤمّن الكهرباء والمياه والنظافة العامة، وتعيد المصرف المركزي
في دير البلح إلى العمل، وتفرض رقابة اقتصادية صارمة على الأسواق لمنع الاحتكار.
ومن وعد
بإقصائها عن الحكم، وجدها تحكم من جديد، ولكن بوعي وتجربة مضاعفين!
غزة.. المعجزة التي أربكت العقول!
ما يلمّح إليه
بريك بوضوح، هو أن غزة التي أرادوا دفنها، قامت من تحت الركام لتعلن ميلادها
الجديد، فهي لم تنتظر مؤتمرات الإعمار ولا تفاهمات الإذلال، بل بدأت تعيد بناء
نفسها بنفسها.
اعتراف الجنرال
بريك ليس مجرد تحليل عسكري، بل وثيقة سياسية من قلب المؤسسة «الإسرائيلية»، تُقرّ
-من دون قصد- بأن «حماس» ربحت معركة البقاء، وربما ما هو أعمق من ذلك؛ ربحت معركة
الوعي والسيادة.
عندما واجه
المسلمون عدوهم -رغم قلة عددهم وعدتهم وعتادهم- مع الإيمان العظيم وإعداد ما تيسر
من قوة وثقة بالله عظيمة، وحب لدينهم وعقيدتهم ورغبة جامحة في نصر عظيم لدينهم
وعقيدتهم وفكرتهم ودعوتهم، لقد انهمرت عليهم الخيرات والثروات والبركات بما لم
يخطر لهم على بال؛ (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيراً) (الأحزاب: 27).
روى البخاري،
ومسلم، في صحيحيهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ
وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ»، وفي رواية
أخرى في صحيح مسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ
الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ
وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ
يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا
الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ».
اللهم منزل
الكتاب ومجري السحاب سريع الحساب هازم الأحزاب اهزم الصهاينة المجرمين وأعداء
الإسلام الظالمين، اللهم اهزمهم وزلزلهم وانصر المسلمين عليهم.
والله أكبر ولله
الحمد.