عقد اجتماعي جديد من أجل إنسان أكثر عدلاً وتمكيناً

انطلاق القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة 2025

سامح ابو الحسن

04 نوفمبر 2025

227

في لحظةٍ فارقة من مسيرة التنمية العالمية، تستضيف العاصمة القطرية الدوحة القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية خلال الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر 2025، بمشاركة أكثر من 8 آلاف شخصية دولية من قادة الدول والحكومات، وممثلي الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، وذلك في مركز قطر الوطني للمؤتمرات.

تأتي القمة تنفيذًا لقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 78/261 و78/318، لتجديد الالتزام الدولي بإعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن لعام 1995، ومتابعة تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030، تحت شعار:

«معًا من أجل تنمية اجتماعية شاملة ومستدامة»

أهداف القمة ومحاورها

تُعقد القمة في ظل تحديات عالمية متشابكة تشمل النزاعات، وتزايد الفقر، وتفاقم آثار التغير المناخي، والتحولات الرقمية السريعة. وتركّز على ثلاث ركائز أساسية للتنمية الاجتماعية:

القضاء على الفقر والجوع وسوء التغذية عبر سياسات حماية اجتماعية شاملة وممولة بعدالة.

تعزيز العمل اللائق والتحولات الاقتصادية المستدامة وتوسيع فرص العمل للشباب والنساء.

تحقيق الإدماج الاجتماعي وتمكين الفئات الهشة وتعزيز التضامن الإنساني والعدالة الاجتماعية.

افتتاح القمة

افتتح القمة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مؤكدًا أن التنمية الاجتماعية ليست خيارًا بل «ضرورة وجودية وأساس للاستقرار»، وداعيًا المجتمع الدولي إلى وقف الحرب في السودان ودعم الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن استضافة الدوحة لهذه القمة تعكس إيمان قطر العميق بالتعاون الدولي والتضامن الإنساني.

كما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن أكثر من 700 مليون شخص حول العالم يعيشون في فقر مدقع، داعيًا إلى سدّ الفجوة الرقمية وتعزيز العدالة في الحماية الاجتماعية، ومقترحًا خطة تمويل سنوية بقيمة 1.3 تريليون دولار لدعم التنمية ومكافحة تغيّر المناخ في الدول النامية.

إعلان الدوحة السياسي

من المنتظر أن تتوَّج القمة باعتماد «إعلان الدوحة السياسي»، الذي سيشكل خريطة طريق عالمية جديدة لتعزيز التنمية الاجتماعية، ويتضمن التزامات واضحة نحو:

القضاء على الفقر بجميع أشكاله وأبعاده.

تعزيز العمل اللائق كمدخل للكرامة الاقتصادية.

تحقيق الإدماج الاجتماعي والمساواة بين الجنسين.

تمويل التنمية بإصلاح النظام المالي الدولي ليكون أكثر عدالة وشمولًا.

ويمثل إعلان الدوحة نداءً عالميًا لتجديد العقد الاجتماعي بين الدول والشعوب، ووضع الإنسان في صميم عملية التنمية.

الرسائل الأساسية للمنطقة العربية

استنادًا إلى وثيقة الأمم المتحدة التحضيرية الصادرة عن الإسكوا، تبرز 18 أولوية استراتيجية أمام المنطقة العربية، أبرزها:

تحقيق السلام والاستقرار وإنهاء النزاعات والاحتلالات.

الحد من الفقر المتعدد الأبعاد وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية.

تمكين النساء والفتيات وتعزيز المساواة في العمل والفرص.

تحسين فرص التعليم والعمل للشباب وبناء مهارات المستقبل.

حماية اللاجئين والمهاجرين والنازحين داخليًا ودمجهم في المجتمعات.

تعزيز الأمن الغذائي والاستجابة للتحديات المناخية والمائية.

سدّ الفجوة الرقمية وتوسيع الشمول الرقمي في الدول العربية.

الاستعداد لشيخوخة السكان وتوسيع نظم الرعاية لكبار السن.

تعميم الصحة النفسية في السياسات الاجتماعية العامة.

تمويل التنمية الاجتماعية بإصلاح السياسات الاقتصادية والمالية.

وتؤكد الوثيقة أن المنطقة العربية رغم التحديات، تمتلك فرصًا حقيقية لإطلاق تحولات اجتماعية جريئة تعيد بناء العدالة والكرامة الإنسانية في المجتمعات.

الفعاليات المصاحبة

تشهد القمة تنظيم عدد من المنتديات والفعاليات المتخصصة، من أبرزها:

منتدى المجتمع المدني ومنتدى القطاع الخاص لتبادل الحلول المبتكرة.

منصة الدوحة لحلول التنمية الاجتماعية بالشراكة بين قطر وفرنسا.

منتدى برلماني دولي بعنوان «الاستثمار في الأفراد والمؤسسات: دور البرلمانيين في التنمية الاجتماعية».

ندوة دولية لحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية تنظمها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر.

جلسات متخصصة حول التعليم في مناطق النزاع بمشاركة مؤسسة التعليم فوق الجميع.

مكانة قطر الدولية

تؤكد استضافة قطر لهذه القمة مكانتها كـ شريك استراتيجي للأمم المتحدة وفاعل مؤثر في دعم القضايا الإنسانية والتنموية عالميًا.

فمن مؤتمرات تمويل التنمية إلى مؤتمرات المناخ، عززت الدوحة مكانتها كمنصة للحوار الدولي وصنع القرار، مؤمنةً أن الإنسان هو محور التنمية وغايتها.

ختام القمة

من المقرر أن تختتم القمة أعمالها في 6 نوفمبر 2025 باعتماد إعلان الدوحة السياسي وإطلاق سلسلة مبادرات لتعزيز العدالة الاجتماعية، وتمكين الفئات الهشة، ودعم التعاون الدولي من أجل مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.

وبينما تتجه أنظار العالم إلى الدوحة، تبعث القمة رسالة أمل مفادها: أن التنمية الاجتماعية ليست وعدًا مؤجلاً، بل مسؤولية مشتركة تبدأ من الإنسان ولأجل الإنسان.
ـــــــــــــــــ

  • الرابط المختصر :

    تابعنا

    الرئيسية

    مرئيات

    العدد

    ملفات خاصة

    مدونة