المطبعون والصهاينة والخشية من نظرة النبوة معالي الأمور
غايتي أولاً من
هذا المقال محاولة تقويض السردية الصهيونية والتطبيعية أمام صفقة ومآلاتها، يروج
لها الإعلام المطبع والصهيوني أنها إنجاز وانتصار الاحتلال، هذا المقال يحاول أن
ينقلنا إلى كيفية النظر من المعالي دون انزلاق في نظرة الكيان الصهيوني والمطبعين
للمعركة والصفقة وإن بات الاحتلال يهددها ساعة ساعة لأمر في قسوته القلبية وعقليته
المستقبلية.
كيف ننظر لصفقة غزة نظرة معالي الأمور؟
جلست مع حديث
النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسفها»، وفي رواية
حديث آخر «أشرفها»، هو جلوس تدبر وتفكر في هذا الهدي النبوي الذي يدعونا إلى
اقتفاء سلوك الصحابة رضي الله عنهم والنبوة في اختيار معالي الأمور وأشرفها، في
اختيار أعظم وأحسن الأفعال في أي شيء سواء كان فعلاً إيمانياً أو علمياً أو
ميدانياً.
لذلك، النظر إلى
مشاهد فرحة غزة وفرحهم بالصبر والثبات ونجاحهم في الامتحان الرباني قدر من الله، وأمر
من الله، والنظر إلى هذا الأمر يحتاج منا النظر من معالي الأمور وأشرفها دون نظرة
ناقصة تميل إلى السفاسف التي يصنعها المطبع ليحجبنا عن الحقيقة.
إن فعل السفاسف
وتنزيل السفاسف ونشر السفاسف كانت من أمور قريش، بل ومن عمق مشروع اليهود في
الإفساد الأول، وأول من خاضوا معركة إرباك الرؤية للمعالي والنظر من أعلى هم قريش،
حين خافوا من تأثير الإسراء والمعراج في قلب وعقل الصحابة رضي الله عنهم، خصوصاً
أن النبوة كانت تعيش محنة وغياب نصرة لبناء الدولة.
رغبوا في حجب
الصحابة رضي الله عنهم عن اكتشاف منهاج النبوة ونور نبوي وهو الإسراء والمعراج،
فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم محاولة لإحراجه.
هكذا العدو يفعل
ويكره معالي الأمور ويحب سفاسفها، يحب الادعاءات والأكاذيب لحجب الأمة عن فرحة
النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج ولقاء الله والأنبياء وفرحته بمشروع «لنريه
من آياتنا» وفرحته بهدية الصلاة والمسجد كمشروع عطاء وبناء الدعوة والدولة من هذا
المنطلق، من الإيمان إلى الميدان والطوفان.
القرآن يوجه
الصحب الكرام الطيبين ويوجهنا دوماً إلى النظر إلى الأحداث وفرحة غزة والمعارك
والانتصارات بنظرة من منظار عال عظيم، وهو نظرة الوحي، فضلاً إلى منظار التاريخ
والواقع، دون هذه النظرة من معالي وأعالي الأمور فالعدو يأتينا بنظرة مشوهة مزيفة
لحجبنا عن الحقيقة.
معالي الأمور في مواجهة الإفساد الأول زمن الأحزاب
هكذا يفعل العدو
اليوم حين يحب نشر سفاسف الأمور لحجبنا عن معالي الأمور والنظر إلى انتصارات
الرجال والاحتفال في غزة.
حسد وغيظ يتأسس
في قلب صهاينة، فيتحول إلى قسوة قلبية وعنصرية مقبورة في القلب تتذكر معركة الخندق
وحرمان الصحب أرباب الجوس الإفساد الأول من العيش في أحضان الأمة والجزيرة
العربية.
بعد استئصال
المنهاج النبوي لهذا الإفساد بعد معركة «الخندق»، انتقل الحسد من أنفسهم وعمقهم
القلبي إلى تجذر القسوة القلبية في «الجيتو» وأطم وملاحات وحارات يهودية، إلى قسوة
قلبية وفكرية تفكر للانتقال من التجذر في حارة، إلى التموقع واقعًا في حضن دولة
صهيونية، فتقمص وحضور في كيانات عالمية وأنظمة غربية وعربية، فعلو كبير وتطبيع
ومسخ فطري عالمي، إلى أن صدمت الكيانات الصغرى والكيان الكبير الصهيوني بالطوفان
وصدمة تاريخية لعلها تقلب الانكسار التاريخي (بالفعل الصليبي الصهيوني) من انكسار
في أمة منذ عام 1916م إلى انكسار تاريخي في مشروعهم الصهيوني في 7 أكتوبر.
وأرجو لهذا
الجرح الذي فعلته «طوفان الأقصى» في جسم الكيان أن يكون من النوع الذي لا يعالج بل
يتعفن، ويحدث ثقباً تاريخياً وجرحاً كبيراً مختلفاً عن جروح حققتها معارك «سجيل» و«الفرقان»
و«سيف القدس»، لكنها جروح تعالجت في جسم الكيان بسرعة.
رصدنا من المغرب
إلى جاكرتا ممزوجة بالفرح واحتفالات في غزة وخان يونس وشمال غزة كانت باكورة الوعد
وجوس جباليا وزبدة الملاحم، وفي غضون هذه الفرحة تتساءل العقول: ما السر في ثبات
هذه القوة في الأرض أمام قوة أساطير وأساطيل الاستكبار العالمي الصهيوني؟
ما سر إنجازات غزة التي حيرت العقل الصهيوني؟!
سر هذه
الإنجازات في غزة رباط نفوس رجال الأنفاق مع معاني الإتقان والإحسان، ورباط جنان
مع شعب إيمان، لعل فهمي وفهمك وفعلي وفعلك يدور حيث دار الكتاب ودار أهل القرآن من
طنجة إلى جاكرتا، من المغرب الأقصى إلى المسجد الأقصى، حيث داروا مع شعب الإيمان
دورة 79 شعبة دون نقصان، فكان العطاء بقدر الدوران الكامل، دورة شاملة جامعة
بإيمان وعلم وميدان.
لولا الدوران مع
القرآن تربية وإيماناً لما كان الدوران في الأرض جوساً وميداناً، الجميع ينظر إلى
الأحباب في غزة من أبناء المقاومة وإخوان الرباط في فرح ونشاط وبركة وسعادة، وحق
لهم الاحتفال والبهجة، وحق لكل شريك في النصر والمعركة من الشعوب العربية
والإسلامية كما وصفهم برهوم، القيادي في «حماس»: كل من ساهم وناصر فهو شريك في
المعركة والنصر.
الجميع تعجب في
كل صفقة من المقاومة بمشارب ألوانها وأشكالها، بل وقل: خلية نحل أخرجت عسلاً مصفى،
خلية أخرجت جنود «القسام» من دولة الأنفاق إلى أرض الآفاق، ومن الجنود إلى الأمن
الوطني إلى قوة هندسة تفكك القنابل، بل فككوا نفوس المتطرفين والمطبعين حين ادعوا
تفكيك الكتائب، بل رجال التفكر والتفكير والتفكيك جعلوا العدو في غيض وسخرية أمام
العالم، وحق لهم ولنا السخرية، فهي عبادة ونتعبد بها ونقتفي أثر رجل الطوفان الأول
سيدنا نوح عليه السلام حين سخر من أرباب التشويش والهزيمة، حين انحشروا في زوايا
الجبال للاعتصام بجبل هش اسمه خطة «أبراهام» وأمريكا و«صفقة القرن».
طبعة وطباعة «القسام» الخالدة
بل تتعجب من
مشهد في الصفقة السابقة حين تنزعج القوى الصهيونية في قنوات إعلامية صهيونية من
هذه الاحتفالات فتختنق وتصل درجتها إلى البكاء من شدة الغيظ ومشاهد الاحتفال
والبهجة، خصوصاً حين صعدت الأسيرات في منصات المسرات، والشعب يهتف هتافاً
بالانتصارات والتوقيعات، بل والأسيرات يرفعن أيديهن تحية للشعب والمقاومة، لماذا
في نظرك هل هي إمعية وغباء أم هو ذكاء ورسالة؟ هي رسالة من الأسيرات كما صرحت
إحداهن، أن المقاومة حققت حمايتهن من القصف «الإسرائيلي»، واحتضنهن لباساً وطعاماً،
علماً أنهن يفقهن أن نتنياهو كان يرغب بالتضحية بهن من أجل مصالح سياسية شخصية.
وتتعجب من حامل
«الكاشي»؛ أي الختم الأحمر والتوقيع ليطبع بطباعة القسام عبارة «من هنا مررتم ومن
هنا هزمتم».
اقرأ أيضاً:
المطبِّعون.. بين وعد الله الأول ووعد الآخرة وإستراتيجية هدم البناء