رأي «المجتمع»..

إعمار غزة جولة جديدة من الصمود والمقاومة

مجـلة المجتمع

01 نوفمبر 2025

86

تعود غزة اليوم لتكتب فصلاً جديداً من حكاية الصمود، لا على جبهات القتال هذه المرة، بل على جبهات البناء والإعمار، فمن بين الركام، تتسلل الحياة من جديد، كزهرة تشقّ طريقها في صخر صلد، لتقول للعالم: ما هُدمته آلة الحرب ستبنيه إرادة الإنسان.

لقد ظنّ الاحتلال أنّ القصف والدمار سينهكان عزيمة هذا الشعب المحاصَر، فإذا بغزة تنهض من بين الدمار أكثر ثباتاً، ترمم بيوتاً وتبني حلماً، وتحوّل الألم إلى طاقة للبقاء والتحدي، فالإعمار هنا ليس مشروعاً هندسياً فحسب، وإنما فعل مقاومة، ومعركة وعي، وتجديد لعهد بأنّ هذه الأرض لا تُترك للخراب مهما طال العدوان.

إن معركة الإعمار لا تقلّ شرفاً عن معركة الدفاع والصمود؛ فهي معركة السيادة والإرادة في وجه مَن يريد أن يجعل من الحصار قدراً أبدياً، ومن الدمار أداة ابتزاز سياسي، فكلّ حجر يُرفع في غزة إعلان تحدٍّ جديد، ورسالة بأنّ الأوطان تُبنى بالأيدي المؤمنة، لا بالمساعدات المشروطة ولا بالصفقات المشبوهة.

وغزة اليوم، وهي تمسح غبار الحرب عن وجهها الجريح، تذكّر الأمة جميعاً بواجبها الأصيل: أن تكون شريكة في البناء، لا متفرجة على الألم، فالإعمار ليس تبرعاً ولا منحة، وإنما فرض من فروض الأخوة، وميدان اختبار لصدق الانتماء.

الأمة التي شاركت غزة في دموعها، مطالبة أن تشاركها في إعمارها، لتظلّ قلعة الصمود قائمة على أكتاف الإيمان والتكافل.

ومن رحم الحصار، تتولّد المبادرات، وتُبدع العقول الغزّية حلولاً هندسية واقتصادية رغم القيود، فالمهندسون والعمّال والنساء والشباب، جميعهم في ميدان البناء، يرسمون ملامح «غزة الجديدة»؛ غزة الحرّة المزدهرة، التي تبني بوعي، فالتنمية ليست رفاهاً، بل ركيزة للثبات والتحرّر.

إنها معركة البناء بعد معركة الدم، وجولة الإحياء بعد جولة الفناء، ومع كل بيت يُرفع، وكل مدرسة تُرمم، وكل طفل يعود إلى مقعده، تولد رسالة: أن غزة لا تُهزم، وأن هذه الأمة، مهما تفرقت جغرافياً، ما زالت تلتقي على بوابة «الأقصى»؛ حيث تُبنى الحجارة على الإيمان، ويُكتب التاريخ من جديد؛ قال الله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح).

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة