5 صور نبوية للتعاطف مع الآخرين

كثيراً ما يبحث الناس عن التعاطف من قبل الآخرين، فهو سمة للتماسك والتعاون
تميز الشخص السوي القادر على تقديم المساعدة والدعم لمن حوله.
يأخذ التعاطف مع الناس صوراً عدة ومتنوعة، قد يكون بكلمة، أو عناق صادق، أو
بشيء مادي، أو مساعدة ما قد تساعد الآخر على التحسن أو الشعور بمشاعر إيجابية.
غالباً ما يكون الشخص الأكثر تعاطفاً مع الناس محبوباً، اجتماعياً، ذا
شخصية قيادية ومؤثرة، وفي الوقت ذاته هو عملة نادرة، وصالحة.
لكي تنتمي إلى هذه الطائفة، أو تتمتع بهذه الصفة، عليك بمعرفة صور التعاطف
التي قد تتاح أمامك، ونذكرك بها:
أولاً: تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على التعاطف والتراحم، وجعله
صفة من صفات المؤمنين، فقال: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل
الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسّهر والحمّى» (رواه البخاري).
هذه الصفة ليست فقط للفرد، بل للمجتمع المسلم ككل، فإذا ألمَّ بدولة ما
كارثة أو أمر جلل، وجب على بلاد المسلمين جميعاً الفزع إليها، وتقديم الغوث
والنصرة لها، وإذا تعرض شعب لحرب أو وباء مثلاً، كما يحدث في قطاع غزة، فإن على
الشعوب المسلمة المسارعة إلى التكاتف والتعاون لرفع المعاناة عنه.
ثانياً: على المسلم التصدق بما زاد عن حاجته، أو استطاع مشاركته مع
الآخرين، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ،
فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ
به علَى مَن لا زَادَ له» (رواه مسلم).
فما زاد على حاجة المسلم من الطعام والشراب والدابة وغير ذلك، وجب التصدق
به وهذا من باب الإيثار والتعاطف مع من لا يمتلك ذلك، وهو مما يورث الحب والألفة
بين أفراد المجتمع المسلم، ويقوي تماسكهم وتعاضدهم.
ثالثاً: من صور العطف على الناس، كفالة اليتيم، والاعتناء به، وتقديم
المساعدة له، وتعويضه عن اليتم، ودعمه معنوياً ومادياً؛ قال صلى الله عليه وسلم: «أنا
وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا؛ وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ
والوُسْطَى» (رواه البخاري).
ومن صور ذلك أيضاً، المسح على رأسه، فهذا مما يُذهب قسوة القلب؛ عن أبي
هريرة أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسوة قلبه، فقال له: «إِنْ
أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ
الْيَتِيمِ» (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
رابعاً: تعاطفك مع الآخر، يمكن أن يأخذ عدة صور، وأشكال، كل حسب طاقته
وقدرته، ليس شرطاً الدعم المادي، بل وقوفك إلى جانبه في مشكلة ما، أو قضاء مصلحة
له، أو إدخال سرور على قلبه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الناسِ إلى
اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ
يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ
تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ
اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ (يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا)، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ
اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ
مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى
تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ» (رواه
الطبراني).
خامساً: تفهم مشاعر الناس، والاعتذار عند الخطأ، من صور التعاطف التي قد لا
تقدر بثمن عند وقوع أمر ما، كما أن القدرة على إدراك مشاعر الآخرين، والإحساس بما
يعانونه، وتخيل الأمر لو كنت في نفس موقفهم، كل هذا من صور التعاطف المعنوي
والنفسي، فإبداء تفهمك لموقف إنسان في أزمة ما، كفيل بدعمه نفسياً، والإيحاء له
بأن الخطأ وارد، وأن باب التوبة مفتوح، والسؤال عنه وتفقد أحواله، كل هذا من صور
التعاطف التي قد يغفل عنها الناس، بينما يكون لها مفعول السحر لدى الكثيرين، ولنا
في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة، فانظر كيف كان يفعل مع عبدالله
بن أم مكتوم بعد أن عاتبه فيه الله تعالى، فكان كلما قابله يقول له: «مرحباً بمن
عاتبني فيه ربي، هل من حاجة؟».