10 مصادر للعزة عند المسلم.. كيف تستمد كرامتك وقوتك من الإسلام؟

حرّم الإسلام على المسلم أن يعيش ذليلاً، حيث قال تعالى: (وَلَقَدْ ‌كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (الإسراء: 70)، وقال عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ‌ظَالِمِي ‌أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) (النساء).

وللعزة عند المسلم مصادر متنوعة، منها:

1- الإيمان بالله واستمداد العزة منه:

الله تعالى هو العزيز، حيث قال تعالى: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ‌الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران: 6)، وله سبحانه مطلق العزة، فقد قال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ ‌الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ‌الْعِزَّةُ جَمِيعًا) (فاطر: 10)، وقال عز وجل: (إِنَّ ‌الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (يونس: 65)، وقال أيضاً: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ‌الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات: 180)، وقال: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ‌وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ) (آل عمران: 26)، فإذا آمن المسلم أن العزة لله جميعاً فإنه يستمد عزته من عزة الله تعالى، فمن أعزه الله فهو العزيز، ومن أهانه الله فما له من مكرم، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ‌وَأَنْتُمُ ‌الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 139).

2- عزة النبي:

شهد الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بالعزة، حيث قال تعالى: (‌وَلِلَّهِ ‌الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون: 8)، وتروى كتب السيرة أن قُرَيْشًا جاءوا إلى أبي طالب وقالوا له: يَا أَبَا طَالِبٍ، إنَّ لَكَ سِنًّا وَشَرَفًا وَمَنْزِلَةً فِينَا، وَإِنَّا قَدْ اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهه عَنَّا، وَإِنَّا وَاَللَّهِ لَا نصبرُ عَلَى هَذَا مِنْ شَتْم آبَائِنَا، وَتَسْفِيهِ أَحْلَامِنَا، وَعَيْبِ آلِهَتِنَا، حَتَّى تَكُفَّهُ عَنَّا، أَوْ نُنَازِلَهُ وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يهَلَك أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ.

فلما قَالُوا لِأَبِي طَالِبٍ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال له: يا ابن أَخِي، إنَّ قومَك قَدْ جَاؤونِي، فَقَالُوا لِي كذا وكذا، الذي كَانُوا قَالُوا لَهُ، فَأَبْقِ عليَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلَا تُحمّلْني مِنْ الْأَمْرِ مَا لَا أُطِيقُ.

قَالَ: فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ فِيهِ بَدَاءً أَنَّهُ خَاذِلُهُ ومُسْلِمُه، وَأَنَّهُ قَدْ ضَعُف عَنْ نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَمُّ، وَاَللَّهِ ‌لَوْ ‌وَضَعُوا ‌الشمسَ ‌فِي ‌يَمِينِي، والقمرَ فِي يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظهره اللَّهُ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ».

3- الإيمان بأن الرزق والأجل بيد الله وحده:

كثير من الناس حين يهين نفسه ويذل كرامته يكون دافعه إلى ذلك خوفه من نقصان رزقه أو اقتراب أجله، وقد عالج الإسلام ذلك بالتأكيد أن الرزق والأجل بيد الله وحده، حيث قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ‌وَلَا ‌يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: 34)، وقال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ ‌الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات: 58).

وروى ابن ماجه في سننه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى ‌تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ»، وروى أحمد في مسنده بسند صحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، ‌وَلَا ‌يُبَاعِدُ ‌مِنْ ‌رِزْقٍ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ».

4- الرضا بقضاء الله وقدره:

حين يوقن المسلم أن ما يقع له هو ما كتبه الله له أو عليه فإنه لا يقلق ولا يخاف، بل يعتز ويرضى بما قدره الله له، قال تعالى: (قُلْ ‌لَنْ ‌يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة: 51)، وروى أحمد والترمذي بسند صحيح عَنِ ‌ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، ‌رُفِعَتِ ‌الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ».

وروى أحمد عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ، فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ، كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ، أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ، ذَهَبًا، أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ ‌لَمْ ‌يَكُنْ ‌لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا، دَخَلْتَ النَّارَ».

5- حسن الصلة بالقرآن الكريم:

القرآن الكريم مصدر العزة الإسلامية، فقد قال تعالى: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ‌ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (الأنبياء: 10)، ومعنى «ذكركم» عزكم وشرفكم، وفي صحيح مسلم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ ‌يَرْفَعُ ‌بِهَذَا ‌الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».

6- التمسك بمبادئ الإسلام:

ضرب سيدنا يوسف المثال في العزة بالتمسك بالمبادئ، حتى وإن كلفه ذلك المصاعب والمتاعب، فقد راودته امرأة العزيز عن نفسه فقال: (رَبِّ ‌السِّجْنُ ‌أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (يوسف: 33)، وأورد ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وأخذ برأس بعيره يخوض الماء، فقالوا له: يا أمير المؤمنين، تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذه الحال، قال: فقال عمر: «إنا قوم ‌أعزنا ‌اللَّه ‌بالإسلام، فلن نلتمس العز بغيره».

7- العمل والاستغناء عن الناس:

روى ابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: «لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟»، قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: «ائْتِنِي بِهِمَا»، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا، فَأْتِنِي بِهِ»، فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ، وَقَالَ: «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا»، فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: «اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا»، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ ‌نُكْتَةٌ ‌فِي ‌وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

8- التواضع والعفو عند المقدرة:

روى أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا ‌بِعَفْوٍ ‌إِلَّا ‌عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ».

9- التحرر من المعاصي:

تؤدي المعصية إلى كون فاعلها من الأذلين، وهذا ما أوضحه رب العالمين في قوله عز وجل: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ‌وَتَرْهَقُهُمْ ‌ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس: 27)، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (المجادلة: 20).

10- التمسك بالجهاد في سبيل الله:

روى أبو داود بسند صححه الألباني عن ابن عمر، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «‌إذا ‌تبايعتُم ‌بالعِينَةِ، وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرْع، وتركتُم الجهادَ، سَلَّط اللهُ عليكم ذُلاًّ لا ينزِعُه حتى تَرجِعُوا إلى دينكم».

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة