10 أوقات وأحوال لإجابة الدعاء
حين تُرفَع الأيدي رجاءً، وتفيض العيون
خشوعًا، وتنطق الألسنة طلباً ودعاء؛ تتجلى العبودية لله تعالى في أسمى صورها، وقد
جعل الله تعالى في رحاب الزمان والمكان مواطنَ مخصوصةً تُستجاب فيها الدعوات،
تكرماً من الله تعالى لعباده ورحمةً بهم، ليتقربوا منه في أوقات الصفاء، ويجدوا في
رحمته ملاذًا حين ينزل البلاء.
وفي هذه المواطن تتنزل الرحمات، وتُرفع
الأكف بثقة ويقين، فتتحول الهموم إلى فرج، والضيق إلى سعة، واليأس إلى رجاء،
مصداقًا لقوله سبحانه: (وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا
دَعَانِ) (البقرة: 186).
إن معرفة هذه المَواطن واستثمارها ليست
علمًا يُحفظ، بل سلوك إيمانيٌّ يُمارس، يربّي القلب على دوام الصلة بالله، ويعلّم
العبد أن أبواب السماء لا تُغلق في وجه من أخلص في الدعاء وصدق في الرجاء.
1- عند النداء للصلاة وبين الأذان والإقامة:
بوّب الإمام البخاري في صحيحه باباً
بعنوان «بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ»، وروى أبو داود بسند صححه
الألباني عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ الدُّعَاءُ
عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا».
وروى الحاكم في المستدرك بسند صحيح عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا
نَادَى الْمُنَادِي فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ،
فَمَنْ نَزَلَ بِهِ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ فَلْيَتَحَيَّنِ الْمُنَادِي».
وروى أبو يعلى في مسنده بسند صححه
الألباني عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُسْتَجَابٌ
فَادْعُوا»، وفي مسند أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ
وَالْإِقَامَةِ».
2- في الصلاة:
روى أحمد في مسنده بسند صححه الألباني
عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا
ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ»؛
والمراد بالتثويب: إقامة الصلاة، والمعنى: إذا دخل المسلم في الصلاة فتحت له أبواب
السماء وكان ذلك مظنة إجابة الدعاء.
ويؤكد ذلك ما رواه الطبراني عن أبي
أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ أن رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ:
«إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَاسْتُجِيبَ
الدُّعَاءُ»، وفي حلية الأولياء عن عاصم الأحول عن عون، قال: «اجعلوا حوائجكم اللاتي
تهمكم في الصلاة المكتوبة، فإن الدعاء فيها كفضلها على النافلة».
3- عند نصف الليل وثلثه الآخر:
روى أحمد والطبراني بسند صححه الألباني
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ
فَيُنَادِي مُنَادٍ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ
فَيُعْطَى؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجَ عَنْهُ؟ فَلَا يَبْقَى مُسْلِمٌ
يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلَّا اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ إِلَّا زَانِيَةٌ تَسْعَى
بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٌ»؛ والعشار هو المتعدي على الناس في أخذ الضرائب منهم.
وروى البخاري، ومسلم عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ
الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ
لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ»، وفي
صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «إِنَّ مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ
يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
4- ساعة في يوم الجمعة:
روى البخاري، ومسلم، في صحيحيهما، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ،
وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
5- عند الإفطار من الصيام:
روى ابن ماجة بسند صحيح عن عَبْداللَّهِ
بْن عَمْرِو، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلصَّائِمِ
عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ»، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ:
سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي».
6- في السفر:
روى أحمد في مسنده بسند حسن عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ:
«ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَهُنَّ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ
الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِه».
7- دعاء المظلوم:
في الحديث السابق تأكيد أن دعوة المظلوم
مستجابة، ويؤكد هذا ما رواه البخاري، ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أن النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: «اتَّقِ
دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».
8- عند الكرب والاضطرار:
قال تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ
السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا
تَذَكَّرُونَ) (النمل: 62)، وروى الترمذي عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ
دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي
كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي
شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ».
9- عند نزول المطر:
روى البيهقي بسند صححه الألباني عَنْ
مَكْحُولٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اطْلُبُوا
اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ،
ونُزُولِ الْغَيْثِ».
10- عند الجهاد في سبيل الله:
في الحديث السابق تأكيد أن الدعاء مستجاب
عند لقاء الأعداء، ويؤكد ذلك أيضاً ما رواه أبو داود بسند صححه الألباني عَنْ
سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ الدُّعَاءُ عِنْدَ
النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا».