مكاسب ومنح ربانية حققها «أسطول الصمود»
عندما تحرك «أسطول الصمود» باتجاه شواطئ
غزة، كانت الغاية الكبرى لجميع أحرار العالم أن يصل هذا الأسطول ويكسر عنجهية
وغرور دولة الاحتلال «الإسرائيلي» التي ظهر صلفها وكبرها وحدّها وحديدها منذ
الإعلان عنه وحتى اقتحام قواتها للسفن، ومحاولة لإذلال من كان عليه من أحرار
العالم.
شاء الله أن ينقلب السحر على الساحر، وإن
لم يصل الأسطول إلى محطته الأخيرة في غزة، لكنه اجترّ على «إسرائيل» غضباً عالمياً،
وظهرت هبات ومنح ربانية في الطريق إلى غزة لتبعث برسائل الأمل من جديد، دعماً
لحقوق شعب غزة خاصة وللقضية الفلسطينية عامة.
الاحتلال الصهيوني دفعه غروره إلى القيام
بعملية قرصنة بإيقاف واختطاف سفن «أسطول الصمود»، التي تضم 50 سفينة من 47 دولة
وحوالي 500 ناشط يحملون مساعدات إنسانية، حيث قام باقتياد السفن إلى ميناء أسدود
واعتقال المشاركين ومصادرة هواتفهم النقالة.
«المجتمع» ترصد عدداً من هذه المشاهد
التي تجلت فيه عطايا الله لأهل غزة وجبر خواطرهم؛ حساً ومعنى، في ظل هذا الحصار
الخانق.
سقوط قناع معاداة السامية
يكفي في مسار «أسطول الصمود» أنه نجح في
كسر تابوه «معاداة السامية»، وهو السيف الصهيوني المصلت على رقاب الأحرار من شتى
الشعوب، وأسقط ورقة التوت الأخيرة للكيان الغاصب.
فمع مسار الأسطول وطريقه إلى غزة، لم
يعبأ بهذه العبارة، بل حوَّلها إلى ورقة يابسة وباهتة لا تقوى على قوة أمواجه في
عباب البحر، حيث أثبت للعالم أن هناك شعباً محاصراً لا يمكن السكوت على إبادته.
فمنذ إيقاف «أسطول الصمود» واعتقال
الناشطين عليه، شهدت العواصم الأوروبية أكبر الاحتجاجات والمظاهرات، بمشاركة مئات
الآلاف من المحتجين في بعض الدول والملايين في دول أخرى مثل إيطاليا.
وارتفعت المطالب والهتافات بتحرير
فلسطين، بل وتجاوز بعضها إلى الدعوة لتحريرها «من النهر إلى البحر»، كل ذلك مع زخم
تضامني غير مسبوق في أوروبا وحتى في قلب أمريكا.
ولم تأت الدعوات المتصاعدة والداعمة لوقف
الحرب من العدم، ولم يتوقف ذلك بإعلان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إذ فقدوا
مصداقيتهم أمام العالم بسبب نكثهم الوعود مرة تلو أخرى.
ومع انطلاق «أسطول الصمود» واقترابه من
غزة والهجوم عليه، ظهرت أيقونات من أحرار العالم كان أبرزهم الشابة السويدية غريتا
ثونبرغ التي تبلغ من العمر 22 عاماً، وقد تحولت إلى حديث مواقع التواصل والمنصات
الإخبارية؛ لأنها عاودت الرجوع إلى «أسطول الصمود» بعد السفينة «مادلين» فاعتقلها
عصابات الاحتلال وحاولت إهانتها.
الوزير «الإسرائيلي» إيتمار بن غفير
بنفسه أمر بإهانتها، حيث أكد شاهد عيان أنهم شدّوا غريتا من شعرها وضربوها
وأجبروها على تقبيل علم «إسرائيل».
فيما أكد الصحفي التركي أرسين جيليك
العائد من «أسطول الصمود» أن «الإسرائيليين» ضربوا الناشطة السويدية وسحبوها من
رأسها، وأرادوا أن يجعلوا من هذه الفتاة الشجاعة عبرة لكل حرّ يتحدى همجيتهم،
إضافة إلى أنه تم احتجازها في زنزانة مليئة بالحشرات، وبدت عليه آثار لسعات «بق
الفراش».
الغضبة المضرية والفزعة الأوروبية
حينما انفصل ماضي العرب عن حاضرها وماتت
الغضبة المضرية، هيأ لأهل غزة الفزعة الأوروبية عبر «أسطول الصمود» التي أذهلت
الجميع، وأكدت أن هناك شعوباً حرة ترفض الظلم وتأبي أن تصفّق للجلادين.
ففي إيطاليا، شارك مليونا إيطالي في
مظاهرات واسعة تضامناً مع فلسطين، حتى من لم يقدر على المشاركة شارك من شرفته
ملوحاً للمحتجين الغاضبين بعلم فلسطين دعماً لهم من شرفته.
كما تم إغلاق الشوارع الرئيسة ومحطة
المترو من خلال التظاهرات الشعبية احتجاجاً على اختطاف سفن ونشطاء «أسطول الصمود».
ولم تكن إيطاليا وحدها، بل أعرب
الإسبانيون عن غضبهم بطريقة أكثر غضباً على الكيان المحتل، وذلك بمهاجمة الماركات
التجارية المؤيدة لـ«إسرائيل».
وتزامن هذا الغضب بعد شهادات من أعضاء «أسطول
الصمود» أن جنود الجيش «الإسرائيلي» كنوع من السخرية من أعضاء الأسطول بعد
اعتقالهم، كانوا يحضرون الماركات التي تتعرض لمقاطعات عالمية والداعمة للجيش «الإسرائيلي»
مثل «كوكاكولا» و«ماكدونالدز»، ويقومون بأكلها أمام أعضاء الأسطول ويسخرون من
المقاطعة.
كما فاجأت هولندا الجميع بخروج مئات
الآلاف دعماً للقضية الفلسطينية، وكأن قضية فلسطين لم تعنِ العرب وحدهم، بل هي
قضية كل أحرار العالم.
أيضاً ظهرت تظاهرة ضخمة في محيط محطة
القطارات المركزية في العاصمة الألمانية برلين، التي نددت تنديداً بقرصنة البحرية «الإسرائيلية»
لـ«أسطول الصمود».
رزق ساقه الله إليكم
يأتي عطاء الله في أحلك الظروف وأقساها
عندما تعجز الحيل، وكأننا في عصر الصحابة حينما أكلوا أوراق الشجر ونحروا دوابهم
التي هي وسيلة نجاتهم لينقذوا أنفسهم من الموت جوعاً، فبعث الله إليهم حوت العنبر
فأكلوا حتى صلحت أجسامهم، وعندما عادوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه سرّه
ذلك قائلاً: «هو رزق ساقه الله إليكم».
ففي مسغبة غزة والناس يتساقطون جوعاً
ووسط هذا الضجيج الذي أحدثه الاحتلال وحاصر سفن «أسطول الصمود» براً وبحراً، صيادو
غزة يمموا وجهتهم مجدداً إلى البحر الذي لم يستطيعوا أن يبحثوا عن رزقهم المشروع
فيه على مدار عامين، ومع انشغال البحرية الصهيونية بملاحقة الأسطول نزلوا إلى
البحر واصطادوا صيداً وفيراً.
جاء هذا بعد مقتل وإصابة المئات بنيران
الزوارق «الإسرائيلية»، حيث دفعوا أرواحهم لأجل وجبة تسد رمقهم أثناء الحصار
الخانق.
كما أن أكثر من 90% من قوارب ومراكب
الصيد، بالإضافة إلى غرف ومخازن الصيادين، تعرضت للتدمير بشكل الكامل.
وقد أدى هذا إلى فقدان ما لا يقل عن 4500
صياد، و1500 عامل في المهن المرتبطة بالصيد، مصدر دخلهم الوحيد، فساق الله لهم «أسطول
الصمود» ليتجدد الأمل في النفوس التي أضناها الجوع، ويمارسوا مهنتهم وينالوا الرزق
الوفير.
من فوائد#اسطول_الصمود_العالمي أن أهل غزة استغلوا انشغال البحرية الصهيونية بملاحقة الاسطول ونزلوا إلى البحر وصادوا صيدا وفيرا، وسابقاً كانت البحرية تمنعهم من ذلك تماماً.
— د.حمود النوفلي (@hamoodalnoofli) October 3, 2025
اللهم اطعهمهم وارفع عنهم نازيين هذا العصر.#أمامة_اللواتية pic.twitter.com/10PRWbTbo9
مشاركون يعتنقون الإسلام
في ظل الأجواء الملغومة والأعصاب
المشدودة تأتي رسائل الله وإشاراته للبشر ليهدهد قلوبهم، وهذا ما حدث في توتر
الأجواء وحبس الأنفاس مع اقتراب «أسطول الصمود» إلى شواطئ غزة واعتقال طاقمه، حيث
أعلن ناشط إيطالي اعتناقه للإسلام ليبعث روح الأمل من جديد في نفوس الجميع.
«ولدت من جديد»، كانت هذه عبارة الناشط
الإيطالي الذي اعتنق الإسلام خلال اعتقاله على يد جيش الاحتلال بعد مشاركته في «أسطول
الصمود».
وأوضح المشارك الإيطالي في «أسطول الصمود»
تومي روبنسون أنه اعتنق الإسلام داخل سجن «إسرائيلي» بدافع حبه للفلسطينيين، مؤكداً
أن أول ما سيفعله بعد عودته زيارة مسجد في العاصمة روما.
وعندما سئل: هل فكرت يومًا باعتناق
الإسلام؟ فرد أنه فرد كاثوليكي ومن عائلة ملتزمة، ولديه وشوم على جسده، متسائلًا: «إذا
أصبحت مسلمًا هل سيقبلني الله؟»، ثم نطق الشهادتين «لا إله إلا الله، محمد رسول
الله».
x.com