قد سمع (3)

لتسكنوا إليها.. الكلمة الطيبة مفتاح السعادة والسكينة

سمية رمضان

19 نوفمبر 2025

39

تزوجها زوجها عن طريق توكيل لأحد أقاربه وهي في بلدها، وتمت الزيجة بسلام، وذهبت مع خالها إلى حيث يقطن زوجها مرتدية لباس العرس، ووصلت المطار ورأت زوجها لأول مرة مرأى اليقين وهو كذلك.

استأذن منهما خالها لشراء بعض الأغراض من المطار.

وهنا نظر الزوج إلى زوجته وكانت أول كلماته لها: «بالطبع أنت تعلمين أن الشرع حلل مثنى وثلاث ورُباع».

دارت الدنيا بالعروس وحدثتها نفسها؛ ماذا يعني كلام هذا الرجل؟ هل لم تعجبه؟ هل ترجع مع خالها؟

ودارت الدنيا بالمسكينة، وللأسف كل حياته الزوجية معها بعد ذلك يقول لها: إنه سيتزوج بأخرى!

بالطبع لم تشعر بالأمان معه لحظة، وبعد الإنجاب كانت تخشى من ضياع أسرتها؛ فعاشت غير مستقرة نفسياً، ومحطمة داخلياً، حتى حرمه الله منها بموت مفاجئ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

العجيب أن بعد موتها بسنوات كانت ابنته تلح عليه بالزواج، ولكن رده دوماً كان: مستحيل أن أجد مثل أمك!

وسبحان الله! لماذا لم يجبر بخاطرها بكلمة طيبة في حياتها؟! وهل من الدين تهديد الزوجة والإقلال من شأنها؟

إن الزوجة هي السكن لك، وإن من المودة والرحمة تكريمها وانتقاء الكلمات الطيبة لها مثل ما ننتقي الثمار أو الأزهار، والزوجة حتى تثمر أشجاراً مثمرة تحتاج تربتها كلمات التشجيع وبث الطمأنينة في قلبها وكلمات الحب؛ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)؛ فقد جعل سبحانه بالفعل المودة والرحمة، المهم أن نقوم بتفعيلها كل فترة.

وتشكو بعض النساء أنهن يسمعن الإطراء على جمالهن من الصديقات والأقارب إلا من الزوج، ينظر لزينتها ويحرمها من كلماته، ويحرم نفسه من رؤية سعادتها لإطرائه.

الكلمة الطيبة شجرة أصيلة أكلها دائم

قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) (إبراهيم: 24)؛ أي أن أجرك في دنياك موصول لآخرتك؛ (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) (إبراهيم: 25)، فكلمتك الطيبة لزوجتك عمل صالح يرتفع للسماء يثقل موازينك.

وأخرى كانت تجتهد لإسعاد زوجها وتتمنى فقط الكلمة الطيبة منه، ولكنه كان بخيلاً في عطائه، وفي يوم دعا فيه إمام المسجد للغداء، وبعد انتهاء الطعام طلب الإمام من الزوج أن يخبر زوجته أن طعامها كان رائعاً وخاصة الكنافة التي لم يتذوق من قبل مثلها، وأصر أن يدخل الزوج في وجوده ليخبرها شكره.

نزلت الكلمات على الزوجة مثل البلسم وتمنت لو أن زوجها كان هو قائلها.

وبالطبع، هناك رجال يقدرون زوجاتهم، فيكون الحصاد بيتاً مطمئناً وأولاداً أقوياء نفسياً وسكناً حقيقياً يشعر به الرجل في بيته مع زوجته ويزداد الحب والألفة بينهما برضا الرحمن الرحيم.

ومن خبرتي في حل المشكلات الزوجية، فالكلمة الطيبة تكون غيثاً في كل بيت يحيي العلاقات الفاترة الروتينية، ويجعل هناك تجديداً في الحياة.

وتصور بعض الرجال أن الحديث عن جمالها وزينتها يُمكن أن يجعلها تتكبر، فهذا مفهوم خاطئ جداً، فمن تعلم مشاعر النساء واحتياجاتهن، فإن مدح الزوج لزوجته بشكل انفرادي أو أمام الأبناء أو أمام الأقارب والمعارف؛ فهذا يجعلها طوع بنانه، وأكثر لطافة، وابتعاداً تاماً عن النكد والأمراض.

بل حتى إن لم تكن جميلة، فهناك استثناء أن نكذب عليها جبراً بخاطرها، فقد أحسن الله كل شيء خلقه، فنبحث عن مواطن هذا الحسن وننفث فيه من الكلام الطيب.

لذلك، بعد قراءتك لهذا المقال نمّق كلمات جميلة وانثرها لزوجتك كما تنثر الأزهار والرياحين.

والنتيجة ستكون فورية بابتسامة ساحرة منها تزيل عنك وعن بيتك الهم، ومن هذه العبارات:

  • «سلمت يمينك» عندما تصنع لك شيئاً، وإن تناولت كوب ماء من يديها، فعبارة «شربتِ من حوض النبي صلى الله عليه وسلم» مناسبة.
  • ولو نظفت البيت فعبارة «نظف الله قلبك وأورثك الفردوس».
  • ودوماً عبارات: «نسأل الله ألا يحرمنا من لقاء معك في الجنة، وسهل الله لك حياتك، والله يعينني على إسعادك» تكون مألوفة دارجة.


اقرأ أيضاً:

- قد سمع (1)

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة