كيف عامل النبي ﷺ الناس؟ أحاديث تكشف عن محبته ‏ورحمته وعدله

ما أكرم الله تعالى البشرية بأفضل من إرسال الرسل إليهم، حيث أنقذها بهم من الظلمات إلى النور، وخير الرسل وأفضل البشر هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الذي نفع الله به الناس في الدنيا، وينفعهم به في الآخرة.

وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن علاقته بالناس تقوم على المحبة والحرص على الهداية، والخوف من الضلالة والغواية، ويتبين ذلك فيما يأتي:

1- محبته للناس:

أما محبته صلى الله عليه وسلم للناس، فتظهر فيما رواه أبو داود عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ ‌بِمَنْزِلَةِ ‌الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ»؛ والوالد من شأنه محبة أولاده.

وفي صحيح مسلم عَنْ ‌أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «‌أَنَا ‌فَرَطُكُمْ ‌عَلَى ‌الْحَوْضِ، مَنْ وَرَدَ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا»؛ ومعنى فرطكم أي سابقكم ومهيئ الحوض لكم، ولا يكون هذا إلا من محب صادق.


مع الرسول الإنسان في شهر مولده | مجلة المجتمع
مع الرسول الإنسان في شهر مولده | مجلة المجتمع
شهر ربيع الأول فرصة كبرى للمسلمين عامة والمسلمين في الغرب خاصة لإحياء وتجديد المحبة النبوية في قلوبهم وقلوب أولادهم؛ لتعدد أسباب فتور وضعف تلك المحبة لديهم؛ من...
mugtama.com
×


2- حرصه على هداية الناس:

أوضح القرآن الكريم أن الله تعالى أرسل رسوله هادياً للناس، ومبشراً ونذيراً، حيث قال عز وجل: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا ‌مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (الفرقان: 56).

وقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن حرصه على هداية الناس، ففي صحيح مسلم، عَنْ ‌جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ ‌رَجُلٍ ‌أَوْقَدَ ‌نَارًا، فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي».

3- رحمته بالناس:

أكدت الآيات القرآنية أن الله تعالى جعل رسوله صلى الله عليه وسلم رحيماً بالناس، حيث قال عز وجل: (لَقَدْ جَاءَكُمْ ‌رَسُولٌ ‌مِنْ ‌أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة: 128)، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا ‌رَحْمَةً ‌لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107).

ومن مظاهر الرحمة التي تحدث فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه مع الناس، ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ ‌أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَدْخُلُ الصَّلَاةَ أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، ‌فَأَسْمَعُ ‌بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ».

4- حرصه على رفع المشقة عن الناس:

اشتمل حديثه صلى الله عليه وسلم عن نفسه ما سعى إليه من رفع المشقة عن الناس، ففي صحيح البخاري، ومسلم، عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ ‌أَشُقَّ ‌عَلَى أُمَّتِي، أَوْ عَلَى النَّاسِ، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ».

وفي شأن الحج يروي مسلم في صحيحه عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ ‌قُلْتُ: ‌نَعَمْ، ‌لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».

وكذلك في شهر رمضان وما يتعلق بصلاة القيام، ففي مسند البزار عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى فصلى بصلاته أناسي ثم من القابلة ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة أو الرابعة فكثروا فلم يخرج إليهم فلما أصبح قال: قد «رأيت الذي صنعتم لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا ‌خشية ‌أن ‌تفرض عليكم».


وقفات مع عدل النبي ﷺ | مجلة المجتمع
وقفات مع عدل النبي ﷺ | مجلة المجتمع
العدل قيمة سامية وخلق رفيع لا تستقيم الحياة في كل جوانبها إلا به، وهو أساس مهم لتكوين دولة مستقرة ومجتمع متوازن وأسرة سوية. وتحقيق العدل وضبط موازينه ليس نافلة...
mugtama.com
×


5- عدله وإنصافه مع الناس:

لوحظ في حديث صلى الله عليه وسلم عن نفسه حرصه على إقرار العدالة والمساواة، ففي صحيح البخاري، ومسلم، عَنْ ‌أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ ‌أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ».

وقد بلغ من حرصه صلى الله عليه وسلم على العدالة والمساواة أن ضرب المثل بنفسه، ففي صحيح البخاري، ومسلم، عَنْ ‌عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟!»، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ ‌فَاطِمَةَ ‌بِنْتَ ‌مُحَمَّدٍ ‌سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».

6- حلمه وصفحه عن المسيئين:

روى البخاري، ومسلم، في صحيحيهما عَنْ ‌أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ ‌جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ».

وفي موقفه يوم «فتح مكة» حيث نادى على الناس قائلاً: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تُرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟»، قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: «‌اذْهَبُوا ‌فَأَنْتُمْ ‌الطُّلَقَاءُ».




كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة