غض البصر.. خطوتك الأولى للتخلص من الإباحية

شهدت صناعة الأفلام الإباحية ومتابعة
منصاتها انتشارًا واسعًا خلال الأعوام الأخيرة؛ الأمر الذي ترتب عليه العديد من
الآثار السلبية سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، ومن ثم يتبين ضرورة مناقشة سبل
التخلص من هذه العادة، لا سيما بالطرق الشرعية التي أوضحتها الشريعة للحفاظ على
المسلم ووقايته من الوقوع في شباك الإباحية أو التغلب عليها والتخلص منها إن كان
بالفعل ضحية لها، وإن غض البصر يعد الخطوة الأولى والرئيسة لمواجهة سم الإباحية.
غض البصر ومواجهة الإباحية
يعد غض البصر من أهم الطرق لمواجهة
الإباحية المعاصرة، ومن أولى الوسائل الشرعية المضادة للفكر الإباحي، ذلك لأنه
يندرج تحت سد الذرائع للممارسات الإباحية، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) (النور: 21)، كما أمر الله تعالى
بغضّ البص فقال: (قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (النور).
ولذا، فإن من أعظم وسائل مواجهة الإباحية المعاصرة سد ذريعة النظر إلى الحرام، لا سيما وأنها أصبحت فتنة هذا الزمان، ولا يكاد أحد يسلم منها إلا من شاء الله تعالى، وذلك لأنه أضحى من السهل الوقوع فيها عبر الوسائل الرقمية الحديثة كالهاتف المحمول، وأجهزة الاتصالات الذكية التي يسرت الوصول للمواقع والأفلام الإباحية دون أدنى جهد.
غض البصر وحفظ القلب
إن النظر إلى الحرام يفتك قلب صاحبه،
ويضعف إيمانه دون أن يشعر، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «زِنَا
العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللَّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى
وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ»، فالنظرةُ سهمٌ
مسمومٌ من سهامِ إبليسَ من تركَه خوفًا من اللهِ آتاهُ اللهُ إيمانًا يجدُ حلاوتَه
في قلبِه، ومن أطلق بصره للحرام، تجذبه صورة ويفتنه مقطع سيمرض قلب، ويقل عمله،
وتفسد حياته بأكملها، لأن الله تعالى يقول في كتابه: (ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) (طه: 124).
ستُسأل عن بصرك يوم القيامة
إن من الأمور التي تستدعي غض البص أن
الله تعالى سيسأل عنها صاحبها يوم القيامة، يقول تعالى: (إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء: 36)، فالبصر سيشهد على
صاحبه بما كان يشاهد، والسمع سيشهد بما كان يسمع، والهاتف الذي عرضت عليه هذه
الأفلام الإباحية سيشهد على صاحبه أيضًا، فإن لم تكن قادرًا على الوقوف بين يدي
الله تعالى حينما يسألك عن ارتكابك لهذه الجريمة، فيجب عليك أن تمتنع الآن، وأن
تحصن نفسك من هذا الداء لأنه أكبر من مجرد مشاهدة للأفلام، أو استمتاع مؤقت يزول
بزوال المشاهدة، أو ندم دائم وشعور بالذنب.
غض البصر حياء من الله
إن إطلاق البصر فيما حرم الله تعالى من
إباحية وغيرها فيه قلة حياء من الله؛ ذلك لأن الذي يستحي من الله حقًا لا يمكن أن
يتجرأ على معصيته في الاطلاع على هذه المشاهد، ومن قلة الحياء أن يستخفي العبد من
الناس ويكره اطلاعهم على ما يفعله ويراه، ويخلو بنفسه غالقًا للأبواب، راخيًا
للستور، كي لا يراه أحد في خلوته مع معصيته وذنبه، دون أن يضع في الحسبان أن الله تعالى مطلع عليه، قال تعالى: (يَعْلَمُ
خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر: 19).
وأن هناك ملائكة موكلة لكتابة الحركات
والسكانات، والكلمات والنظرات، قال تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ {10} كِرَاماً كَاتِبِينَ {11}
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (الانفطار)، فعجباً لمن يخشى الناس ولا يخشى
الله؛ (يَسْتَخْفُونَ مِنَ
النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا
لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) (النساء:
108).
فإذا كنتَ تُصارع نفسك في كل مرة، وتتعثر
أمام سطوة الأفلام الإباحية، وتبحث عن طريقٍ يعيدك إلى صفائك الأول، ويردك إلى
الله تعالى؛ فابدأ بغض البصر.
يمكنك الاطلاع على:
أخطار «الإباحية العنكبوتية» على مجتمعاتنا
10 أضرار لمشاهدة الأفلام الإباحية
________________
1- محمد بن سعد الشهراني، الوسائل
الدعوية لمقاومة الإباحية، 2024.