شكيب أرسلان.. «أمير البيان» الذي حارب الاستعمار

كاتب المدونة: الطيب أديب

 

وُلدَ الأمير شكيب بن حمود بن حسن بن يونس ولقبه «شكيب أرسلان»، في 25 ديسمبر 1869م، بقرية الشويفات قرب بيروت، وترجع جذوره لملوك الحيرة، وكلمة «شكيب» تعني بالفارسية الصابر، و«أرسلان» تعني بالتركية والفارسية الأسد.

وتنتمي عائلته للطائفة الدرزية، ولكنه تبرأ منها، كما قال عنه الشيخ علي الطنطاوي: «كان درزي الأصل، ولكنه تبرأ من درزيته، وعاد إلى الدين الحق، وظل عمره كله يحامي عنه بقلمه ولسانه، يؤدّي فرائضه وسُننه، ويتجنب محرماته ومكروهاته».

وتوفي أرسلان في 9 ديسمبر 1946م، وهو كاتب وأديب ومفكر وداعية وسياسي عربي لبناني، ولقّبَه أستاذه محمد رشيد رضا بلقب «أمير البيان»؛ لنباهته وفصاحته وغزارة إنتاجه الفكري، ويعد من كبار المفكرين ودعاة الوحدة الإسلامية، وكان «أمير البيان» يجيد عدة لغات، هي: العربية، والتركية، والفرنسية، والألمانية.

وقد تأثر في مراحل عمره المختلفة بشخصيات فذة من أعلام الفكر والثقافة في عصره، أمثال الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ عبدالله البستاني، والشيخ جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده، وشاعر السيف والقلم محمود سامي البارودي، وأمير الشعراء أحمد شوقي.

مواقف سياسية وطنية

وللمفكر شكيب أرسلان مواقف سياسية وطنية بارزة، منها:

  • موقفه من الثورة العربية في عام 1916م، إذ وقف ضدها بشدة وانتقدها، متخوفاً من أن تصبح البلاد العربية نهباً للاستعمار، وأنها ستقسم بين إنجلترا وفرنسا.
  • وربط في مؤلفاته بين الحملات الصليبية القديمة نحو الشرق وأخواتها المعاصرة على أيدي الفرنسيين والإنجليز والألمان.
  • سلط الضوء على فظائع فرنسا حينها ضد المسلمين في شمال أفريقيا، مؤكداً أنها حملة عنصرية ضد العروبة والإسلام.
  • عندما احتلت إيطاليا ليبيا، حارب «أمير البيان» الاستعمار الإيطالي بالقلم والمال، بل وسافر -بعد معاناة- على رأس قوة من المجاهدين العرب إلى ليبيا مقاتلاً مع الثوار الليبيين للاحتلال الإيطالي، وقال مقولته المشهورة: «إن لم ندافع عن صحارى ليبيا، فلا يمكننا الاحتفاظ بجنان الشام»!
  • وعندما احتلت فرنسا بلاد الشام، قاد بنفسه كتيبة لمقاومة الاحتلال الفرنسي؛ الأمر الذي دعا المفوض الفرنسي في سورية جيوفيل إلى تلفيق الاتهامات لأرسلان، ومعاقبته بالنفي خارج بلاد الشام.

الأمير الرحالة

واشتهر «أمير البيان» برحلاته التي أمضى خلالها قسطاً كبيراً من عمره، فقام برحلاته المشهورة من لوزان بسويسرا إلى نابولي في إيطاليا، وإلى إسبانيا، وغيرها من دول أوروبا ودول آسيوية وأفريقية، وكان يسجل خلال هذه الرحلات كل ما يراه ويُقابله.

مؤلفاته

وقضى «أمير البيان» نحو 60 عاماً في القراءة والكتابة والخطابة، ومن أشهر مؤلَّفاته: «الحُلل السُّندسية»، و«لماذا تأخَّرَ المسلمون وتقدَّمَ غيرُهم؟»، و«الارتسامات اللِّطاف»، و«تاريخ غزوات العرب».. ومؤلفات أخرى.

رحيله

وبعد رحلة حافلة بالعطاء العلمي والكفاح الوطني، توفي الأمير شكيب أرسلان، رحمه الله، عقب عودته لبلدته بأشهر قليلة في 9 ديسمبر 1946م، ويوم وفاته وقف المفكر الشيخ مصطفى السباعي على قبره يرثيه مرتجلاً قصيدته المشهورة التي قال فيها:

سلامٌ عليك أبا غالبِ                أمير البيان أمير القلمْ

هتكتَ برأيكَ حجبَ الظلامِ         وثرت إباءً إذا الخطبُ عَـمّ

وطوَّفتَ في الأرضِ تبغي السلامَ     لقومكَ والحق ممن ظلمْ

فخضتَ الغمارَ وصنت الذمارَ       وكنتَ الإمامَ وكنتَ العلَمْ

فآن لجسمكَ أن يستريحَ              وتهجر روحك دنيا الألمْ

أصبتَ بدنياكَ مجد الخلودِ            وعند الإلهِ الثواب العممْ

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة